الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الذكر ما هو واجب باتفاق العلماء: كتكبيرة الإحرام في الصلاة، وقراءة الواجب من القرآن فيها وهو الفاتحة عند الجمهور. ومنه ما هو مختلف فيه، فأوجبه بعضهم واستحبه آخرون: كتكبيرات الانتقال في الصلاة، وتسبيحات الركوع والسجود، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسميع والتحميد. فذلك كله مختلف فيه، والأحوط بلا شك الإتيان به.
ومنه ما هو فرض كفاية عند جماعات من العلماء كتشميت العاطس، ورد السلام، وكالأذان والإقامة، ولبيان حكم تشميت العاطس وحكم الرد عليه، انظر الفتوى: 150241.
ومما اختلف فيه كذلك التسمية على الذبيحة، فأوجبها الجمهور خلافا للشافعية، والتسمية أول الوضوء والغسل والتيمم، فأوجبها الحنابلة خلافا للجمهور، وتتبع هذا يطول.
ومن الأذكار ما اتفق على استحبابه فلم يوجبه أحد من أهل العلم: كذكر دخول البيت والخروج منه، وذكر دخول الخلاء والخروج منه، وذكر دخول المسجد والخروج منه ونحو ذلك.
فالمحافظة على هذه الأذكار الموظفة، من أشرف الوظائف، وهو مما يرجى به للمسلم أن يكون من الذاكرين الله كثيرا. كما قاله ابن الصلاح.
قال النووي في الأذكار: وسئل الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله- عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحاً ومساءً، في الأوقات والأحوال المختلفة ليلًا نهاراً -وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة- كان من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، والله أعلم. انتهى.
وأما من يحافظ على واجب الذكر ويترك ما عداه، فليس آثما، وليس من المنافقين الذين لا يذكرون الله إلا قليلا -إن شاء الله- ولكنه مفرط، مضيع لثواب الذكر العظيم.
والله أعلم.