الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس في الآية إشكال أصلا، ولا تعارض بينها وبين شيء مما ذكرته، فإن الآية لم تخبر أنهم تابوا، فلم يقبل الله توبتهم، بل أخبرت أنه طبع على قلوبهم بسبب نفاقهم، وأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه، فدل على أنهم يلقونه -سبحانه- وهم منافقون غير تائبين من نفاقهم هذا، كما قال تعالى في نظرائهم: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ {الصف:5}، وقال: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ {الأنعام:110}. إلى غير ذلك من الآيات.
فهؤلاء قوم خذلهم الله بسبب نفاقهم، ولم يوفقهم للتوبة أصلا، وأما من تداركه الله برحمته، فتاب في وقت قبول التوبة؛ فإن الله يقبل توبته، كائنا ما كان ذنبه.
وكما أن الله منع إبليس التوبة، فإنه لم يتب أصلا، حتى يقال إن توبته لم تقبل، بل خذله الله، فلم يوفقه لها، وظل مُصِرًّا على كفره إلى أن لقي الله تعالى. فهكذا الشأن في هؤلاء المنافقين، ولذا؛ فقد ضعفت القصة المروية عن ثعلبة بن حاطب -رضي الله عنه- سَنَدًا ومَتْنًا، كما بيناه في الفتوى المذكور رقمها في السؤال.
وذلك أن في القصة أنه تاب، ولم تقبل توبته، وهذا خلاف النصوص القطعية القاضية بقبول توبة كل تائب.
والله أعلم.