الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد قيل في المراد بأول الحشر في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ {الحشر:2}، عدة أقوال:
منها: أن المراد بأول الحشر لبني النضير، حشرهم إلى خيبر؛ لأنه سيأتيهم حشر آخر، وهو من خيبر إلى الشام، وليس المراد أنهم أول من أخرج من المدينة، قال الشوكاني في فتح القدير: قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ إِلَى خَيْبَرَ، وَآخِرَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى الشَّامِ. اهــ.
وقيل: إن المراد بأول الحشر أول جلاء يصيبهم هم، حيث لم يصبهم جلاء قبله، بخلاف غيرهم، قال البغوي في معالم التنزيل: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانُوا مِنْ سِبْطٍ، لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا مَضَى. اهــ.
وقيل إن المراد بأول الحشر: أي: الحشر إلى أرض الشام، التي هي أرض المحشر يوم القيامة، قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله تعالى: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ. اختلف الناس في معنى ذلك، بعد اتفاقهم على أن الْحَشْرِ: الجمع، والتوجيه إلى ناحية ما.
فقال الحسن بن أبي الحسن، وغيره: أراد حشر القيامة، أي: هذا أوله، والقيام من القبور آخره، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «امضوا هذا أول الحشر، وإنا على الأثر». وقال عكرمة، والزهري، وغيرهما: المعنى لِأَوَّلِ موضع الْحَشْرِ، وهو الشام، وذلك أن أكثر بني النضير جاءت إلى الشام. اهــ.
وقيل: غير ذلك.
فأنت ترى أن الآية تحتمل كل هذه المعاني؛ فلا تُعارض بما جاء من أن بني قينقاع أول من تم إجلاؤهم من المدينة.
والله أعلم.