الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الأمور لا يحكم فيها بحكم عام، وإنما يرجع في كل حال إلى ملابساته وتفاصيله.
وعلى أية حال؛ فيمكننا القول: إن ما لا يترتب عليه محظور شرعي؛ ككشف العورات، يمكن فعله لتحقيق أدنى مصلحة، ولا يشترط فيه تحقق الضرورة، أو الحاجة الملحة.
وأما ما يترتب عليه ارتكاب محظور شرعي، فلا يفعل؛ إلا إذا كانت مصلحة ارتكابه أكبر من مفسدته.
قال العز بن عبد السلام في (قواعد الأحكام): ستر العورات واجب، وهو من أفضل المروءات، وأجمل العادات، ولا سيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات. أما الحاجات؛ فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه، وكذلك نظر الشهود لتحمل الشهادات، ونظر الأطباء لحاجة المداواة، والنظر إلى الزوجة المرغوب في نكاحها قبل العقد عليها إن كانت ممن ترجى إجابتها. وكذلك يجوز النظر لإقامة شعائر الدين كالختان.
وأما الضرورات؛ فكقطع السلع المهلكات، ومداواة الجراحات المتلفات. ويشترط في النظر إلى السوءات لقبحها من شدة الحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات.
وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال، لما في النظر إلى سوءاتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين، كالنظر إلى الأليتين. اهـ.
والله أعلم.