الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك: أنّك حلفت بطلاق زوجتك إذا تعمّدت الكذب عليك في إخبارها لك بمصارف أموالها التي أنفقتها، أو عدم إخبارك بالحقيقة، لو كانت كذبت عليك غير متعمدة.
فإن كان الأمر كذلك؛ فالمفتى به عندنا أن يمين الطلاق يعدّ كالطلاق المعلق، فإذا حنثت في يمينك؛ فإنّ زوجتك تطلق منك، سواء كنت قاصدًا إيقاع الطلاق أم كنت قاصدًا مجرد التهديد، أو التأكيد، وهذا قول أكثر أهل العلم، وحنثك في هذه اليمين يحصل بعدم إخبار زوجتك لك بمصارف أموالها بصدق قبل انقضاء الزمن الذي نويته في يمينك، وانظر الفتوى: 203128.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّك إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق، ولكن قصدت التهديد، أو التأكيد، ونحوه؛ فلا يقع طلاقك بحنثك في هذه اليمين، ولكن تلزمك كفارة يمين فحسب، وراجع الفتوى: 11592.
وننبهك هنا على أن الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، ولا يلزم الزوجة -ولو كانت غنية- أن تنفق على البيت من مالها الخاص، إلا أن تتبرّع بذلك عن طِيب نفس.
وما تكسبه المرأة من عملها، يعد حقًّا خالصًا لها، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدرًا منه؛ فيلزمها الوفاء به، وراجع في ذلك الفتويين: 35014، 19680.
لكن إعانة المرأة لزوجها بمالها -وإن لم يكن واجبًا عليها-، يعد من مكارم الأخلاق، وكمال المعاشرة بالمعروف، فإن الأصل في علاقة الزوجين التوادّ، والتراحم، ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
كما ننبه إلى أنّ الحلف بالطلاق من أَيْمان الفُسّاق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ فينبغي الحذر من الوقوع فيه.
ونصيحتنا لك أن تشافه أحد أهل العلم بسؤلك هذا؛ لتوضح له مقصودك، وليستفصل منك عما يحتاج إلى استفصال، دون الحاجة إلى فرض احتمال قد لا يكون له وجود في الواقع.
والله أعلم.