الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أبيك في تعامله معك - إن صحّ - فهو أمر يستغرب له؛ وذلك لأن العادة أن الأب يشفق على ابنه، ويحرص على ما فيه مصلحته، ويحذر ما فيه مضرّته.
فنصيحتنا لك البحث عن السبب الذي يدعو أباك لمثل هذا الموقف، خاصة أنه يعامل الآخرين من إخوتك معاملة حسنة:
فإن أخطأت في حقّه، فاعتذر له.
وإن فعلت شيئًا أساء فهمه، فقمْ بالتوضيح له، وتصويب فهمه.
ويمكنك أن تستعين في ذلك بالمقرّبين إليه، مع الإكثار من دعاء الله سبحانه أن ييسر سبيل الإصلاح بينك وبينه، وما ذلك على الله بعزيز؛ فهو على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، وقلوب العباد في ملكه، وتحت سيطرته، يسيرها كيف شاء؛ روى الترمذي، وابن ماجه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل، يقلّبها.
وإذا كنت غير قادر على الكسب، فنفقتك واجبة على أبيك، فمن حقّك عليه أن ينفق عليك للعلاج، حسب قدرته، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: عن والد غني، وله ولد معسر، فهل يلزم الوالد الغنيّ أن ينفق على ابنه المعسر؟
فأجاب بقوله: نعم، عليه نفقةُ ولدِهِ بالمعروف، إذا كان الولدُ فقيرًا عاجزًا عن الكسب والوالدُ مُوسرًا. اهـ.
فإن بخل عليك بذلك، جاز لك الأخذ من ماله بقدره دون علمه، وراجع الفتوى: 30148.
والأفضل من هذا كله أن تستعين بأمّك، أو غيرها؛ لإقناعه بالإنفاق عليك، وعلاجك.
وإن ثبت ما ذكرت من كون ما أصاب عينك سببه أبوك؛ فتلزمه الدية، وفيها تفصيل سبق بيانه في الفتوى: 55684.
وننبهك إلى أن من تتكلّم عنه هو أبوك، فمهما أساء إليك، أو ظلمك، وجب عليك التأدّب معه، والحذر من أن تسيء إليه بأدنى إساءة.
والواجب عليك التوبة مما وقع منك من غضب في وجه والدك، ولعنك، وشتمك له؛ فذلك من عظيم العقوق، وراجع في العقوق والتوبة منه الفتوى: 73485، والفتوى: 16531.
كما ننبهك هنا على أنه يمكنك السعي لدى المؤسسات الخيرية؛ لتتولى نفقة علاجك، وإجراء العملية لك، إذا لم يرضَ والدك بإجرائها لك.
والله أعلم.