الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولًا؛ إلى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات -ولو كان بغرض الزواج، وما يعرف بعلاقات الحب بينهما- كل ذلك باب فتنة، وذريعة شر وفساد، وقد بينا ذلك في كثير من الفتاوى، وانظر على سبيل المثال الفتوى: 430774.
كما ننبه إلى أنّ إخبار أحد الخاطبين الآخر بما وقع منه في الماضي من المحرمات، أو سؤاله عنه؛ مسلك مخالف للشرع، والصواب أن يستر العبد على نفسه، ولا يخبر أحدا بمعصيته لغير مصلحة معتبرة، وأنّ المعول في الحكم على الشخص؛ حاله في الحاضر، لا في الماضي. وانظر الفتوى: 117433.
فالواجب عليك الوقوف عند حدود الله، وقطع العلاقة مع تلك الفتاة، وإذا كنت تريد زواجها، وكانت تائبة مما وقعت فيه من العلاقات المحرمة؛ فلا حرج عليك في الزواج منها؛ فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والعبرة بحالها الآن. وقد ذكرت صلاحها واستقامتها.
وليس من اختصاصنا تأويل الرؤى والأحلام، ولا يلزم أن تكون للرؤيا التي رأيتها دلالة على أثر الاستخارة.
والراجح عندنا أن المستخير يمضي في الأمر بعد الاستخارة، ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه.
جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة. فقيل: يفعل ما بدا له، ويختار أيّ جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحًا لجانب، أو ميلًا إليه. كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتًا من هاتف، أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحًا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفًا على الانشراح. انتهى.
وعلى هذا؛ فما سيحصل للمستخير من تيسر الأمر، وحصوله، أو عدمه هو ما فيه الخير له، وانظر الفتوى: 123457.
ويمكنك مشافهة أحد أهل العلم بما يشكل عليك لتفصل له، وليستفصل منك عما يحتاج إلى استفصال دون الحاجة إلى افتراض احتمالات قد لا يكون لها وجود في الواقع.
والله أعلم.