الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمّك على ما وصفت من العصبية، ووضعها العراقيل في طريق زواجكم؛ فلا شك في أنها مسيئة بذلك.
ونوصيكم بالدعاء لها أن يصلح الله حالها، ويرزقها رشدها، وصوابها؛ فذلك من أعظم ما تبرّونها به، وعسى الله أن يجعل ذلك سببًا لتغيّر حالها إلى خير؛ فالدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم ما يريد، وربنا عز وجل جواد كريم، أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجع الفتوى: 71758، ففيها بيان آداب الدعاء، وأسباب إجابته.
والزواج الصحيح له شروطه التي إذا توفرت فيه كان زواجًا صحيحًا، ومن أهمها: الولي، والشهود، وراجع الفتوى 1766، والفتوى: 25637. وإن شهد الشهود على الزواج، لم يدخل في زواج السر المنهي عنه، كما بينا في الفتوى: 55989.
ولا نرى لك سلوك هذا المسلك، والزواج دون علم أمّك؛ إذ نخشى أن يكون ردّة فعلها أشد.
فالأولى أن تبحث عن فتاة صالحة، وتوسّط لأمّك العقلاء من الأقارب، ومن ترجو أن تستجيب لقولهم، فإن أمكنهم إقناعها، فبها ونعمت، وإلا أتم الزواج، ولو لم ترتضِ ذلك، واجتهد بعد ذلك في إرضائها، والمرجو أن تكون ردة فعلها أهون في هذه الحالة، وأن يكون احتمال كسب رضاها أقرب. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 76303، وهي عن حدود طاعة الوالدين، وبيان أنه لا تجب على الولد طاعتهما فيما فيه ضرر عليه.
بقي أن نبين أن من كان يخشى على نفسه الفتنة، والوقوع في الفاحشة؛ فإن الزواج في حقّه واجب، كما ذكر الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح؛ فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. اهـ.
والله أعلم.