الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال في بيتكم على ما ذكرت من الخصام بين والديك؛ فلا شك في أن هذا نوع من البلاء، ومن خير ما يتسلّى به المؤمن عند البلاء الصبر، فاصبر؛ فعاقبة الصبر خير في الدنيا والآخرة، كما سبق بيانه في الفتوى: 18103.
وعليك أيضًا بالذِّكر؛ فهو من أفضل ما تستعين به في طمأنينة نفسك، وهدوء بالك، وقد قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
وقد أحسنت بدعائك لهما ليلًا ونهارًا؛ فاستمرّ على ذلك؛ فالدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم مبتغاه، والله عز وجل قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ولا نعلم دعاء معينًا خاصًّا يُدعى به في مثل هذه الحالة، ولكن عليك بعموم الأدعية المتضمنة لتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وطلب العافية، وإزالة الهمّ والغم، ونحو ذلك. ويمكنك الاستفادة من بعض فتاوانا، كالفتوى: 49676، والفتوى: 221788، ففيهما بعض هذه الأدعية.
واجتهد في سبيل الإصلاح بينهما، والاستعانة بالعقلاء والفضلاء من الأهل، إن احتجت لذلك؛ عسى الله أن يجعلهم سببًا للإصلاح، وليقوموا بنصح أبيك، إن كان ظالمًا لأمّك.
ويمكنك برّ والديك بما يتيسر لك من وجوه الإحسان إليهما.
وإن من أعظم ما تبرّهما به هذا الإصلاح الذي أرشدناك للسعي فيه، والدعاء لهما بخير.
ولا يلزم أن تكون المشكلة التي حدثت بين أبيك وبين الرجل الذي ذكرته هي سبب كثرة هذه المشاكل، وقد لا يكون أبوك ظالمًا له حتى يستجاب له.
وعلى كل؛ فأكثر من الدعاء لأبيك بالعافية من كل بلاء.
وإن غلب على ظنكم أن يكون هنالك أمر غير عادي أدّى إلى كثرة المشاكل -من سحر، أو عين، ونحوهما-؛ فانصحوهما بالرقية الشرعية، بأن يرقي كل واحد منهما نفسه، ولا بأس بأن يرقيه غيره من أهل الاستقامة، والصلاح. وراجع في الرقية الفتوى: 4310.
والله أعلم.