الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمذهب الحنابلة في الاستمناء أنه محرم، وأن صاحبه يستحق التعزير، وأنه لا يباح إلا عند الضرورة.
والضرورة أن يخشى الوقوع في الزنى، أو يخاف على بدنه، وصحته من اجتماع المني فيه، مع عدم قدرته على النكاح، قال في كشاف القناع: لأن فعل ذلك إنما يباح للضرورة، وهي مندفعة بذلك. وروي عن الإمام أحمد: أنه يكره في هذه الحال. وعنه: يحرم، ولو خاف الزنى، قال في الإنصاف: ذكرها في الفنون، وأن حنبليًّا نصرها؛ لأن الفرج مع إباحته بالعقد، لم يبح للضرورة، فها هنا أولى، وقد جعل الشارع الصوم بدلًا من النكاح، والاحتلام مزيل لشدة الشبق، مفتر للشهوة. وقال: فائدتان: إحداهما: لا يباح الاستمناء، إلا عند الضرورة، ولا يباح نكاح الأمة، إلا عند الضرورة. انتهى.
وينبغي أن يعلم أن وجود الشهوة وثورانها أحيانًا، ليس هو مراد الفقهاء من قولهم: وخشي الوقوع في الزنى، فإن هذا لا يكون إلا عند غلبة الشهوة، وقوتها، ووجود أسباب الزنى ودواعيه.
وما من شاب صحيح الجسم، إلا ويعتريه ثوران الشهوة أحيانًا، ومع ذلك؛ لم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم علاجًا لذلك في غير الزواج، أو الصوم عند عدم القدرة، كما في الحديث المتفق عليه: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
فلتكن موقنًا بما دل عليه هذا الحديث من كون الصوم هو الوجاء، والوقاية للشاب من الوقوع في الحرام، عند عجزه عن الباءة.
واستحضر ما أعده الله تعالى للشاب الناشئ في طاعة ربه، الحافظ لفرجه، البعيد عن الشبهات.
ومن الأسباب المعينة على العفة، والصيانة؛ الامتناع عن محرمات النظر، والاستماع؛ إذ من أطلق بصره في الحرام، أو لزم استماع الأغاني، والمعازف، هاجت شهوته، وحلّت بقلبه الخواطر، والوساوس الشيطانية، التي تدفعه إلى الحرام.
ومما ينبغي أيضًا: اشتغال المرء بالأعمال البدنية النافعة، التي تقضي على أوقات الفراغ، وتستهلك الطاقة.
وكذا مجالسة الأخيار، وعدم الانفراد، قدر الإمكان -وقانا الله وإياك شر ذلك-.
والله أعلم.