الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولًا: إشهار النكاح أمر مستحب، وليس شرطًا من شروط صحة العقد، فإذا تم العقد بشروطه -من الوليّ، والشهود، والإيجاب، والقبول-؛ فالعقد صحيح، إلا أنه يستحب إعلانه؛ لحديث: أَعْلِنُوا النِّكَاحَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ إِعْلاَنُ النِّكَاحِ، أَيْ: إِظْهَارُ عَقْدِهِ؛ حَتَّى يُشْهَرَ، وَيُعْرَفَ، وَيَبْعُدَ عَنْ تُهْمَةِ الزِّنَى؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ"، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ". اهــ.
ثانيًا: لا شك أن ما أقدمت عليه أختك أمرٌ مخالف للشرع؛ إذ الوليّ من شروط صحة النكاح، فمن تزوّجت بغير ولي؛ فنكاحها باطل في قول جمهور أهل العلم، وقد بينا اختلاف أهل العلم في صحة عقد النكاح دون ولي في الفتوى: 326578، وذكرنا أنه باطل عند الجمهور، صحيح عند الحنفية؛ فالزواج دون ولي مختلف في صحته بين الفقهاء، والراجح أنه باطل، وهو قول الجمهور، ولكن لو حكم بصحته قاضٍ؛ فهو على الصحة.
ثالثًا: وإن كانت أختك تزوّجت من غير شهود أيضًا، وإنما بينها وبين الرجل -كما يفعله بعض الناس، ويسمونه زواجًا عرفيًّا-؛ فهذا ليس بنكاح بالاتفاق، والحنفية القائلون بعدم شرط الولي، لا يقولون بصحة النكاح دون شهود، جاء في كتاب: "الاختيار لتعليل المختار" من كتب الحنفية: وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بِحُضُورِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَلَا بُدَّ فِي الشُّهُودِ مِنْ صِفَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ) فَالشُّهُودُ شَرْطٌ؛ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشُهُودٍ». وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الزَّانِيَةُ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ». اهــ.
رابعًا: أما كيفية التعامل معها، فإن كان الخلل قاصرًا على مجرد عدم الإشهار؛ فالأمر هيِّن؛ إذ ذكرنا لك أن الإشهار مستحب، لا شرط.
وأما عدم وجود وليّ؛ فيمكن أن تقوم بتصحيح العقد؛ فاجتهد في إقناعها بذلك، وأخبرها بأنك لا تمانع من تزويجها لذلك الرجل -إن رأيت أنه أهل للتزويج-، وهذا خير من قطيعة الرحم التي أمركما الله تعالى بوصلها.
ولا نرى أن تهجرها بالكلية، وإنما تصلها، ولو بأقلّ درجات الصلة؛ قيامًا بحق الرحم، ولعل ذلك يكون سببًا في رجوعها إلى طريق الشرع.
والله أعلم.