الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الإسلام كالأوزاعي والسفيانين والحمادين والليث بن سعد وغيرهم كانوا يعلمون صحيح الحديث من ضعيفه، إلا أنهم كانوا يتفاوتون في ذلك، ويختلفون في صحة بعض الأحاديث وضعفها نظراً لاختلافهم في راوٍ معين، هل هو مقبول أم لا، أو لقيام شاهد للحديث الضعيف سنداً في نظر بعضهم دون بعض، أو اختلافهم في قبول المرسل أو رده، واختلافهم في قبول الحديث الذي خف ضعفه إذا لم يكن في الباب غيره ونحو ذلك مما هو معروف لدى المشتغلين بهذا الفن، وأما الذين جاءوا من بعدهم من المحققين كالحافظ ابن عبد البر والحافظ المزي والحافظ ابن حجر والذهبي والسبكي وغيرهم، فإنهم ساروا على منهجهم ورجحوا بين أقوالهم حسب ما رأوه صواباً عندهم، وهكذا من جاء بعد هؤلاء كالسيوطي والمناوي والهيتمي وهكذا إلى يومنا هذا، إذا تبين هذا فمن سلك منهج هؤلاء فلا تثريب عليه، وأما من خالفه وانتهج منهجاً آخر ينقض به منهجهم وقواعدهم ويخالفهم في أحكامهم على الأحاديث فهو مبطل أيا كان، وفي أي زمن وجد، وهذا لا نعلمه في أحد من علماء الدعوة السلفية، والحكم على شخص معين أو طائفة معينة بأنهم خالفوا منهج السلف يحتاج إلى دراسة وتثبت من قبل المشتغلين، ثم الحكم عليهم بعد ذلك.
والله أعلم.