الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على بر والديك، ومبادرتك بالتوبة إلى الله، ونسأل الله أن يتقبل صالح عملك، ويعينك على طاعته.
واعلمي أنّ صلتك والدك دون علم والدتك وأهلها؛ ليس فيه إثم؛ بل إنّ صلتك والدك طاعة واجبة عليك.
وإحسانك إلى هؤلاء الأقارب الواقعين في الغيبة والنميمة؛ ليس فيه إثم؛ فالإحسان إلى الأقارب مطلوب شرعا ولو كانوا عصاة. وراجعي الفتوى: 245674
لكن عليك نهيهم عن هذه المنكرات، مع استعمال الحكمة والرفق بهم والحلم عليهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ..جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه؛ حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه. انتهى.
وإذا خشيت الأذى منهم بسبب نهيك لهم عن المنكر؛ فلك سعة في ترك الإنكار باللسان.
جاء في شرح النووي على مسلم: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة، إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى، فهو في سعة. انتهى.
وحرصك على تعليم أمّك أمور دينها وإعانتها على طاعة الله؛ من أعظم أنواع البر بها والإحسان إليها، فداومي على هذا العمل الصالح، مستعينة بالله -تعالى- مخلصة له.
وإقناعك لها بصحة موقفك، يكون ببيان حكم الشرع والمداومة على بذل النصيحة لها، بأدب ورفق من غير إثقال عليها.
قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَن الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ. وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
واجتهدي في دعاء الله تعالى؛ فإنّ الدعاء من أنفع الأسباب.
وللفائدة، راجعي الفتوى: 255637
والله أعلم.