الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا فتحت المقطع المشتمل على محرمات وشاهده معك آخرون؛ فإنك تعتبرين معينة لهم على الإثم، ومتسببة في وقوعهم في المعصية.
والعاصي يناله إثم من تسبب في وقوعه في المعصية -وإن لم يقصد إعانته على ذلك-، قال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل:25}.
فآثار فعل العبد من طاعة أو معصية يحاسب عليها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في جامع المسائل: فإن قيل: فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقتل نفس ظلمًا، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل»، وهو لم يقصد أن يقتل كل قاتل.
قيل: هو -صلى الله عليه وسلم- لم يقل هنا: إن عليه مثل إثم كل قاتل، بل قال: «عليه كفل من دمها»؛ لأن ذلك من أثر فعله، كما كتب ابتداء بهذا الفعل، وقد قال تعالى في حق أئمة الكفر: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون (12) وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون (13))، وقال: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)، فما تولّد عن فعل العبد، يحصل له منه ثواب وعقاب، وإن لم يقصده. اهـ.
وأما مشاهدتك مقطعًا محرمًا في مجلس فيه غيرك، دون أن يشاهدوه معك، أو يتأثروا بمشاهدتك له؛ ففي هذه الحالة لم يصدر منك إعانة لهم، ولا تسبّب في وقوعهم في محرم. وانظري الفتوى:217132.
وأما قولك: (وأحيانًا أسجّل مقطعًا صوتيًّا لقريباتي، وقد يكون في التلفاز بعض الموسيقى، فهل عليّ أن أحذف المقطع الصوتي، ثم أعيده؟)؛ فلا يجوز إرسال المقطع المشتمل على الموسيقى؛ لما في ذلك من نشرها، والإعانة على استماعها، وانظري في هذا الفتوى: 121837.
والله أعلم.