الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويوسع رزقك، ويعينك على طاعته.
ووصيتنا لك أن تتقي الله تعالى، وتستعين به، وتتوكل عليه في كل أمورك، وتكثر من ذكره، ودعائه، فإنّه قريب مجيب.
واجتهد في العناية بالصلاة والخشوع فيها؛ فإنّها مفتاح كل خير، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45}.
قال السعدي -رحمه الله-: فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه؛ معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.
ومن أعظم ما يعينك على الاستقامة، ويجلب لك التوفيق والإعانة من الله؛ اجتهادك في برّ والديك، والإحسان إليهما؛ والحرص على مخاطبة والدك بالأدب، والرفق، والتوقير، وتجنب ما يكسر خاطره، فحق الوالدين على أولادهما عظيم، ولا يسقط حقّهما بظلمهما أو إساءتهما، فقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما، وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. اهـ.
فعليك ببر أبيك والإحسان إليه، واعلم أنّ برّ الوالدين من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت، فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.