الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على الحلال، وخوفك من الحرام.
وإذا لزمت هذا الطريق، وكان خوفك إيجابيًّا -بأن حملك على الحذر من الوقوع في الحرام، والتثبّت مما تريد الإقدام عليه من معاملات-؛ فلن تعدم خيرًا.
وأما الخوف السلبي -الذي يحمل صاحبه على اليأس، والقنوط من رحمة الله-؛ فلا خير فيه، وعلى المؤمن اجتنابه، والحذر منه.
وبالنسبة لسؤالك عن تلك الوظيفة التي قد يعرض لك فيها أن تسجّل المعاملات الربوية التي أجرتها شركتك لإثباتها؛ فقد تقدم في بعض فتاوى الموقع السابقة أن الذي يظهر -والله أعلم- أن تقييد حسابات مثل هذه الشركة ما لها وما عليها؛ لا يكون المقيد لذلك كاتبًا للربا، ولا شاهدًا عليه؛ لأن العملية الربوية بكاملها قد تمت بعيدًا عنه؛ فهو ليس كاتبًا للربا، ولا آكلًا، ولا مؤكلًا له، ولا شاهدًا عليه، لكنه معاون للمتعامل بالربا بتقييد الصادر والوارد، وحساب ذلك، وهذا ليس ككتابة الربا، والشهادة عليه.
لكنه يعدّ بمثابة الإقرار له، والواجب إنكاره، لا إقراره والرضا به؛ فاستغفر الله تعالى مما سبق، وابحث عن عمل مباح، لا تباشر فيه محرمًا، ولا تعين عليه، إلا إذا قبلت الشركة أن تعطيك عملًا آخر مباًحا، أو تجنّبك تسجيل ما هو محرم؛ كتلك المعاملات الربوية. وللفائدة انظر الفتوى: 28330.
والله أعلم.