الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا وجه إشكال السائل!
ولكن نقول على وجه العموم:
إن شراء بادئات الطحالب بالمال لا يشترط في صحته القبض؛ فيجوز شراؤها مع تأخير الثمن، كما يجوز تعجيل الثمن مع تأخيرها، كما في بيع السلم.
وإنما يشترط القبض فيما يجري فيه ربا النسيئة، كصرف العملات النقدية، وشراء الذهب والفضة، وشراء طعام مما يكال أو يوزن بجنسه، قال ابن قدامة في «الكافي»: كل مالين اتفقا في علة ربا الفضل -كالمكيلين، والموزونين، أو المطعومين على الرواية الأخرى- لا يجوز بيع أحدهما بالآخر نَساءً، ولا التفرّق قبل القبض؛ لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، يدًا بيد». وعن عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذهب بالورق ربا، إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا، إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا، إلا هاء وهاء». متفق عليه. اهـ.
وكون الشركة التي تستثمر المال قد تشتري بادئات الطحالب بمال المستثمر، وقد تكون بادئات الطحالب لديها في مخازنها، وتستثمر المال فيما له صلة بالمواد المصنعة من تلك المادة -طبية، أو غذائية، أو غيرها-؛ فهذا لا تأثير له، ولا إشكال فيه، بل المهم أن تستثمر الشركة مال المستثمر فيما هو مباح.
وأما قيام الشركة بالاستيراد بعملة أخرى غير عملة البلد التي يضعها المستثمرون؛ فهذا أمر بدهي، والصرف في مثل هذه المعاملات لا يمكن أن يحصل فيه التقابض الحسيّ، سواء بين الشركة وبين البنك المركزي في بلدكم، أم بينها وبين البنوك في بلد الاستيراد؛ فهذه المعاملات إنما تجري عن طريق الحوالات البنكية، ولا يكون التقابض فيها إلا حكميًّا. وانظر الفتوى: 428212.
والله أعلم.