الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تعاملي زوجك بما يظهر لك من حاله، وحمل أمره على السلامة حتى يتبين خلافها، وقد جاء الشرع بالنهي عن الظن السيء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}.
والغالب في التجسس أن يكون الباعث له سوء ظن، ولذلك جاء النهي عنه بعده. وأنت إنما أُتِيتِ من قِبَل هذا التجسس. فلولا أنك وقعت فيه، لكنت في عافية من هذا الغم الذي أنت فيه، فالواجب عليك التوبة وعدم العودة لمثل ذلك.
ومواجهته بما قرأت في الرسالة التي في جواله ربما يزيد الأمر تعقيدا بعلمه أنك تجسست عليه، خاصة وقد يدعي أنه كتب ما كتب على سبيل المزاح، أو ينكر كتابته لها رأسا ويزعم أنها دست عليه إلى غير ذلك مما يمكن أن يتعلل به. فاعملي على محاولة التقرب منه، والتزين له وحسن التبعل بحيث يستغني بك عن غيرك.
وإن كان الحال على ما ذكرت من اعترافه بفعل هذه المنكرات، فابذلي له النصح بالحسنى، وذكريه بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه.
فإن تاب، فالحمد لله، وإلا فلك الحق في طلب الطلاق منه؛ لفسقه، فالفسق من مسوغات طلب الطلاق، كما بينا في الفتوى: 37112.
والطلاق قد لا يكون الأصلح دائما، فوازني بين المصير إليه، وبين الصبر والبقاء في عصمة زوجك، ومواصلة السعي في سبيل إصلاحه.
وأحسني عشرته، واجتهدي في الدعاء له بخير، واعملا معا على تربية النفس على الفضيلة من خلال الجلوس والاستماع لبعض المواعظ، وعقد حلقة لتلاوة القرآن ونحو ذلك مما يزداد به الإيمان؛ فإن القلب إذا استقام صلح السلوك، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت، فسد الجسد كله. ألا وهي القلب.
وإن أمكنك تسليط بعض الصالحين عليه، فافعلي؛ ليكون لهم تأثير عليه، فعسى الله -عز وجل- أن يسوق إليه الخير على أيديهم.
والله أعلم.