الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّ الواهب لا يجوز له الرجوع في هبته، ففي سنن الترمذي عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا يحل لأحد أن يعطي عطية، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده.
لكن إذا كانت والدتك أهدت العقد للزوجة بسبب الزواج؛ فالظاهر لنا -والله أعلم- أنّ لها الرجوع في هبتها، ما دام الزواج قد زال.
فقد جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: وقد كتبت عن الإمام أحمد فيما إذا أهدى لها هدية بعد العقد، فإنها ترد ذلك إليه إذا زال العقد الفاسد، فهذا يقتضي أن ما وهبه لها سببه النكاح، فإنه يبطل إذا زال النكاح، وهو خلاف ما ذكره أبو محمد وغيره. وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافقة لأصول الشريعة وهو أن كل من أهدي أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله. انتهى.
وجاء في حاشية قليوبي- وهو شافعي-: دفع الخاطب بنفسه، أو وكيله، أو وليه شيئا من مأكول، أو مشروب، أو نقد، أو ملبوس لمخطوبته، أو لوليها، ثم حصل إعراض من الجانبين، أو من أحدهما، أو موت لهما، أو لأحدهما؛ رجع الدافع أو وارثه بجميع ما دفعه -إن كان قبل العقد مطلقا-. وكذا بعده إن طلق قبل الدخول، أو مات، إلا إن ماتت هي. ولا رجوع بعد الدخول مطلقا. انتهى.
وفي حالة النزاع في الموضوع، وعدم اقتناع أحد الأطراف بمقتضى هذه النقول؛ فالفيصل هو المحكمة الشرعية.
والله أعلم.