الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا أردت أن يمحو الله ذنوبك كلها، وترجع كمن لم يذنب؛ فعليك أن تتوب توبة عامة تأتي على جميع الذنوب ما تذكره منها، وما لا تذكره.
فإنك إذا تبت هذه التوبة العامة، محت ذنوبك -بإذن الله-، وبدأت صفحة جديدة في حياتك، وانظر الفتويين: 142149، 451471.
ثم اعلم أن الاستغفار بغير توبة، هو من جنس الدعاء؛ فقد يستجيبه الله، وقد لا يستجيبه، وانظر الفتوى: 338737.
وإذا استغفرت من ذنب معين، مع التوبة منه بقلبك؛ فإنه يغفر بإذن الله تعالى.
فإن استحضرت ذنبًا معينًا؛ فهو المغفور.
وإن لم تستحضر ذنبًا معينًا: فإن تبت توبة عامة، محت جميع الذنوب -كما ذكرنا-، مهما كانت عظيمة، أو كبيرة.
والحسنات -كالذكر، ونحوه- مما يمحو الله به الخطايا؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولكن هذه الطاعات -كقول: "سبحان الله وبحمده"، ونحو ذلك- إنما تمحو الصغائر، لا الكبائر، وانظر الفتوى: 97510.
والذكر باللسان فيه أجر -إن شاء الله- لكن الأجر التام إنما ينال على ما كان مجتمعًا فيه القلب، واللسان.
ولا شك أن الذنوب تتفاوت، فمنها الصغير، ومنها الكبير، وأفضل ما يكفرها هو التوبة النصوح.
فإن ذكرت الذنب؛ فتب منه بخصوصه.
وإن لم تذكره؛ فتكفيك -كما ذكرنا- التوبة العامة.
والحسنات كلها من مكفرات الذنوب -بإذن الله-، وكذا الاستغفار، والحديث الذي ذكرته في فضل التسبيح صحيح، أخرجه مسلم، ولفظه: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ؛ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ.
وأما كيفية التكفير ومقداره؛ فمردّه إلى الله تعالى؛ فعليك أن تكثر من الحسنات، وتجتهد في تحصيل شروط التوبة، وتحسن الظن بربك تعالى، وتثق بأنه -سبحانه- هو العفو الغفور، الذي لا يردّ تائبًا، ولا يخيب راجيًا.
والله أعلم.