الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولا: ما دام أن جدك لا يزال حيا، فإن أمواله لا تعتبر ميراثا، سواء ما أعطاه لأولاده الذكور، أو ما حرم منه الإناث، وليس لأحد أن يطالب بشيء على اعتبار أنه حقه من الميراث.
ثانيا: ما أعطاه جدك لابنيه دون الإناث، يعتبر هبة، وتجري عليه أحكام الهبة من اشتراط القبض، وأن تكون في غير مرض مخوف، وانظر الفتوى: 261619 عن الشروط الشرعية لصحة نفاذ الهبة.
ثالثا: إيثار جدك للذكور بالهبة دون الإناث، خلاف العدل الذي جاء به الشرع، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ {النحل:91}. وذلك التفريق في الهبة سماه النبي صلى الله عليه وسلم جورا، كما في حديث النعمان بن بشير لما آثره أبوه بشيرٌ بهبة دون بقية أولاده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي لفظ لمسلم في الصحيح: يَا بَشِيرُ؛ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ.
رابعا: إذا مات جدك قبل أن يعدل في هبته -إما برد ما وهبه للذكور، أو إعطاء البنات ما يتحقق به العدل- فقد اختلف الفقهاء في رد تلك الهبة الجائرة بعد وفاته، وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى: 161261، والفتوى: 332782.
وعلى القول بأن تلك الهبة ماضية بعد الوفاة ولا ترد ـ كما هو قول المذاهب الأربعةـ فإنه ليس للبنات أن يأخذن شيئا خفية من التركة المتبقية، بحجة أن والدهن لم يعدل وحرمهن من تلك الهبة.
خامسا: ينبغي لمن له تأثير على جدك أن يذكره بالله -تعالى- ويعظه لعله أن يعدل قبل أن يموت، واستعينوا بمن له قبول عنده من أهل العلم، فإن تلك الهبة الجائرة تزرع الأحقاد بين الأولاد والأحفاد، وربما يتحمل وزرها بعد مماته.
والله أعلم.