الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء من أفضل العبادات، ومن أنفع الأسباب، وقد وعد الله -سبحانه- الداعي بالاستجابة.
لكن استجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق مطلوب الداعي، ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ.
ولم يرد في نصوص الشرع -فيما نعلم- علامات لاستجابة الدعاء، لكن ذكر بعض أهل العلم شيئا من ذلك راجعا إلى التجارب.
قال ابن الجزري -رحمه الله- في عدة الحصن الحصين: فصل في علامة استجابة الدعاء: علامة استجابة الدعاء: الخشية، والبكاء، والقشعريرة، وربما تحصل الرعدة، والغشي، والغيبة. ويكون عقيبه سكون القلب، وبرد الجأش، وظهور النشاط باطنا، والخفة ظاهرا، حتى يظن الداعي أنه كان على كتفيه حملة ثقيلة فوضعها عنه. انتهى.
قال الشوكاني -رحمه الله- في تحفة الذاكرين، بعدة الحصن الحصين: وهذه العلامات التي ذكرها المصنف هي تجريبية، فلا تحتاج إلى الاستدلال عليها. انتهى.
وعليه؛ فما توهمتِه من كون الرؤى التي كنت ترينها؛ إشارة من الله، أو دليلا على استجابة دعائك أو عدمه؛ ليس مُسَلَّمًا. فالرؤيا بعضها يكون من الله، وبعضها من الشيطان، وبعضها من حديث النفس، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : ...والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه.
والله -سبحانه وتعالى- قد يعجل للداعي مطلوبه، وقد يمنعه عنه؛ لحكمة يعلمها؛ فهو -سبحانه- العليم الخبير، الذي يعلم ما يصلح العبد، والعبد قاصر عن علم ذلك؛ فعلى العبد أن يسلم لله، ويوقن بحكمة الله ورحمته في كل أقداره، ولا يتطلع لمعرفة الحكمة في كل ما قدره الله، فالقدر سر الله.
جاء في العقيدة الطحاوية: وأصل القدر سر الله -تعالى- في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل. والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة؛ فإن الله -تعالى- طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال الله تعالى في كتابه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) [الأنبياء: 23]. فمن سأل لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب. انتهى.
ففوضي أمرك إلى الله، ودعي عنك الأوهام، واستعيذي بالله من وساوس الشيطان، وتوبي إلى الله -تعالى- مما قد يكون وقع منك من سوء الأدب مع الله، أو ظن غير الحق به، واستقيمي على طاعة الله، وأكثري من ذكره ودعائه.
والله أعلم.