الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعنين بتأخيرها قليلا أنك تصلينها في وقتها قبل خروجه، ودار الأمر بين أن تصليها في أول الوقت بغير خشوع ومع شيء من السرعة، وبين أن تصليها متأخرة مع الطمأنينة والخشوع.
فالذي يظهر أن تأخير الصلاة هنا أفضل من تعجيلها، وذلك لأن تحصيل الفضيلة المتعلقة بالعبادة أولى بالتقديم من تحصيل الفضيلة المتعلقة بمكانها أو زمانها.
فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتأخير الصلاة إذا حضر الطعام، وأمر بتأخير صلاة الظهر عند شدة الحر، كما في حديث: إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؛ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ. وذلك حتى تؤدى الصلاة والذهن فارغ مما يشغله عنها.
قال أبو الوليد الباجي في شرح الحديث المتقدم: مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَنْدُوبٌ إلَى الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِكْمَالِ لِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهَا وَأَقْوَالِهَا. وَشِدَّةُ الْحَرِّ تَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، كَمَا مَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْحَقْنِ الَّذِي يَمْنَعُ الْخُشُوعَ وَإِتْمَامَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَكَمَا أَمَرَ بِتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ بِحَضْرَةِ الصَّلَاةِ لِهَذَا الْمَعْنَى. اهــ.
ولا شك أن فضيلة الخشوع متعلقة بذات الصلاة، إذ الخشوع لب الصلاة وروحها، بل لا تصح الصلاة بدونه عند بعض الفقهاء. بينما أداء الصلاة في أول وقتها مستحب، وليس واجبا، ولا شرطا لصحة الصلاة.
وانظري للفائدة الفتوى: 317914.
والله أعلم.