الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولًا أن ما أقدمت عليه من مشاهدة الأفلام الإباحية، وأمر الزوجة بمشاهدتها؛ أمر منكر، وإثم مبين، لا يسوغ بحال من الأحوال، وراجع الفتوى: 6617.
ثم إنه من المقرر شرعًا أن الأصل في المسلم السلامة من كل ما يشين؛ فلا يجوز اتّهامه بشيء من ذلك لمجرد ظنون وأوهام؛ فقد جاء الشرع بالنهي عن سوء الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث.
وإذا كان هذا في حق عامّة المسلمين، فإنه يتأكد في حق الزوجين؛ لما جعل الله بينهما من هذه العلاقة الوطيدة، والميثاق المتين، قال الله سبحانه: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
فاتّهامك لزوجتك بالخيانة من غير بينة أمر خطير، وفيه وعيد شديد، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
وقد يترتب عليه الوقوع في القذف الذي جعل الله له الحد في الدنيا، وراجع فيه الفتوى: 93577.
وما ذكرته من إصابتك بمرض السيلان؛ لا يدل على خيانتها، ومثل هذا لا يكفي بينة، وكذلك طلبها منك المسامحة، قد يكون لبعض التصرّفات، وبعض التقصير الذي حدث منها تجاهك، ولا يلزم أن يكون لوقوعها في الفاحشة.
وإذا أردت لنفسك العافية؛ فلا تسترسل مع هذه الوساوس، بل اعمل على قطعها.
ولست مكلَّفًا بالبحث عما إن كانت زوجتك قد خانتك أم لا.
وإذا كنت قد أرجعتها لعصمتك؛ فيكفيك أن تعاملها بما يظهر من حالها، وتنصحها فيما ترى منها من مخالفة شرعية، وخاصة أمر الصلاة، فإن كانت تفرّط فيها -كما ذكرت-؛ فابذل لها النصح بأسلوب طيب.
فإن تابت، وحافظت على الصلاة، وأصبحت صالحة مستقيمة؛ فأمسكها، وإلا ففراقها أفضل، قال ابن قدامة في المغني عند الكلام عن أحكام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة... اهـ.
والله أعلم.