الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المعاملة المذكورة تسمى في الفقه ببيع السلَم، وقد تقدم لنا تعريفه وشروطه في الفتوى رقم: 11368.
ومن أحكام هذه المعاملة أنه يجب على المسلم إليه (وهو صاحب المصنع) تسليم المسلم فيه (الزيت) في الوقت المحدد أو في الأجل المضروب، فإن لم يوجد عنده وجب عليه تحصيله إن تحقق وجوده، كما جاء في "كشاف القناع": لو تحقق بقاء المسلم فيه لزم المسلم إليه تحصيله ولو شق كبقية الديون. اهـ.
وكذا لو غلا سعره فإنه يلزمه تحصيله كما جاء في "حاشية البجيرمي على المنهاج" .. وبخلاف ما إذا غلا سعره فإنه يحصله. اهـ.
وعليه، فالواجب على المسلم إليه شراء الزيت وتسليمه للمسلم؛ كما قال العلامة عليش في مسألة مشابهة ذكرها في "فتح العلي المالك" "فمتى قدر على الدراهم فهو قادر على القمح، فيكلف بشرائه على أي وجه وتوفيته للمسلم. اهـ.
فإن تعذر تسليم المسلم فيه لانقطاعه وعدمه فالمسلم بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله إن كان موجودا، أو مثله إن كان مثليا، أو قيمته إن عدم، أو ينتظر إلى أن يوجد المسلم فيه.
وأما دفع المسلم إليه قيمة المسلم فيه إلى المسلم فلا يجوز عند جمهور العلماء، لأنه يعتبر بيعا للمسلم فيه وهو بيع ما لم يقبض وبيع للدين أيضا.
وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى جواز ذلك بقدر قيمته لا أكثر، جاء في الاختيارات: ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره، ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهي رواية عن أحمد، وقاله ابن عباس، ولكن بقدر القيمة فقط لئلا يربح فيما لم يضمن. اهـ.
والمقصود أن بيعك المسلم فيه (كمية الزيت) لصاحب المصنع بألف ومائة دينار، لا يجوز على مذهب الجمهور، ويجوز على قول ابن تيمية وابن القيم ورواية عن أحمد.
والله أعلم.