الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا من سؤالك أنّ الأمر أهون من أن تترتب عليه قطيعة الرحم؛ فالعمّة قد ردّت المال الذي أخذته بغير حق، وقد برئت ذمّتها بالردّ -ولو على سبيل الهدية- عند بعض أهل العلم، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: قال المصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو وَهَبَ المَغصُوبَ لمالِكِه، أو أهْداه إليه؛ بَرِئ. على الصَّحيحِ؛ لأنَّه سلَّمه إليه تَسْلِيمًا تامًّا. انتهى.
وفسخ الخطبة ليس من الظلم، أو الإساءة بالضرورة؛ فقد يترك أحد الخاطبين الآخر لعدم ملائمته له في بعض الجوانب، أو لأسباب أخرى، لا لعيب فيه، أو نقص في خُلُقه.
فالواجب عليك صلة أرحامك، ولا يجوز لك قطع عمّتك، ولا يجوز لأبيك قطعها للسبب المذكور.
واعلمي أنّ صلة الرحم ليس لها قدر معين، أو وسيلة محددة، ولكنّها تحصل بكل ما يعدّ في العرف صلة، جاء في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: وصلة الرحم -أي: القرابة- مأمور بها أيضًا، وهي فعلك مع قريبك ما تعدّ به واصلًا، وتكون بالمال، وقضاء الحوائج، والزيارة، والمكاتبة، والمراسلة بالسلام، ونحو ذلك. انتهى.
فجاهدي نفسك، وأخلصي النية لله تعالى، وصِلِي عمّتك، وسائر أرحامك بالمعروف.
وكلّمي أباك، وبَيِّنِي له ما ذكرناه لك من وجوب الصلة، وتحريم القطيعة.
واجتهدي في الإصلاح بينهم؛ فإنّ في الإصلاح أجرًا عظيمًا، وفضلًا كبيرًا؛ فقد روى أبو داود، والترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى -يا رسول الله-. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البيت؛ الحالقة.
والله أعلم.