الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في كثير من فتاوانا ما قرره أهل العلم من أن طاعة الوالدين تجب فيما فيه مصلحة لهما، ولا ضرر على الولد، فيمكن الاطلاع على الفتوى: 76303.
والضرر المعتبر هو ما تضمن أذى ليس بالهين، وهو ما يسميه بعض العلماء بالضرر البَيِّن، فهذا هو الذي له تأثيره على الحكم في مختلف أبواب الفقه، ولا اعتبار للضرر اليسير.
قال البجيرمي في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: قوله: (ويحرم ما يضر البدن أو العقل) ..... وقوله: ما يضر البدن قال الأذرعي: المراد الضرر البيِّن الذي لا يحتمل عادة، لا مطلق الضرر. اهـ
وكما ذكر أهل العلم أن الغالب كالمحقق. وكثير من الأحكام قائمة على هذا الأساس، نعني غلبة الظن. قال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن، أصل في الأحكام. اهـ.
وفي المثال المذكور في السؤال إذا غلب على ظن الولد أن ضغوط والديه هي السبب في ذلك؛ فلا تجب عليه طاعتهما، فيما يكون سببا في زيادة مرضه، أو تأخر الشفاء. كما لا يجوز لوالديه أن يتسببا فيما يزيد مرضه أو يؤذيه.
وفي الأخير نؤكد على أهمية أن يعمل الولد على مداراة والديه، والتلطف بهما، ومحاولة كسب رضاهما، والاستعانة بربه سبحانه، ثم الاستعانة بمن له وجاهة عندهما؛ ليكلموهما في تخفيف الضغط عليه، وعدم تكليفه بما فيه ضرر عليه.
ومهما أمكنه طاعتهما، فليفعل. فمقام الوالدين عظيم، وقد قرن الله حقه بحقهما.
وللمزيد في فضل بر الوالدين راجع الفتوى: 66308.
والله أعلم.