الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور ثابت في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ونقتصر على شرحه من كتاب "عون المعبود" شرح سنن أبي داود، حيث قال:
"اللهم اهدني" أي ثبتني على الهداية، أو زدني من أسباب الهداية إلى الوصول لأعلى مراتب النهاية.
"فيمن هديت" أي في جملة من هديتهم أو هديته من الأنبياء والأولياء.
"وعافني فيمن عافيت" أي من أسوأ الأدواء والأخلاق والأهواء.
"وتولني فيمن توليت"، أي تولّ أمري ولا تكلني إلى نفسي في جملة من تفضلت عليهم.
"وبارك" أي أكثر الخير لي أي لمنفعتي. "فيما أعطيت" أي فيما أعطيتني من العمر والمال والعلوم والأموال.
"وقني" أي احفظني، من "شر ما قضيت"، أي ما قدرت لي من قضاء وقدر فسلم لي العقل والدين.
"تقضي" أي تقدر أو تحكم بكل ما أردت، "ولا يقضى عليك" فإنه لا معقب لحكمك ولا يجب عليك شيء.
"إنه" أي الشأن "لا يذل" بفتح فكسر، أي لا يصير ذليلا أي حقيقة ولا عبرة بالصورة.
"من واليت" الموالاة ضد المعاداة.
"ولا يعز من عاديت" هذه الجملة ليست عامة في النسخ، وإنما وجدت في بعضها، نعم روى البيهقي وكذا الطبراني من عدة طرق: ولا يعز من عاديت.
"تباركت" أي تكاثر خيرك في الدارين، "ربنا" بالنصب، أي يا ربنا.
"وتعاليت"، أي ارتفعت عظمتك وظهر قهرك وقدرتك على من في الكونين. انتهى.
وقد شرح المباركفوري في تحفة الأحوذي عبارة "ولا يعز من عاديت" بقوله: أي لا يعز في الآخرة أو مطلقا، وإن أعطي من نعيم الدنيا وملكها ما أعطي لكونه لم يمتثل أوامرك ولم يجتنب نواهيك. انتهى.
وقد انتهت هنا الرواية الثابتة في السنن والمسند، فليس فيها: "ولك الحمد على ما قضيت": إلى آخر ما كتبت.
ومعنى "لك الحمد على ما قضيت"، أي لك الحمد والثناء يا ربنا على كل قضاء قضيته فينا فإنا نرضى به ونحمدك عليه.
ومعنى نستغفرك اللهم ونتوب إليك: نطلب منك أن تغفر ذنوبنا ونعلن توبتنا إليك ورجوعنا إلى أمرك.
ثم إن معنى الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المزيد من الرحمة له من الله تعالى، وكذلك السلام، فإنه طلب المزيد من الأمان.
وآل النبي صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون من بني هاشم، وصحبه كل من اجتمع معه مؤمنا به ومات على ذلك.
والله أعلم.