الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوّره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
ومع ذلك، فإنا نلفت نظر السائل إلى أن أقارب المورد قد نصحوه، وبينوا له حقيقة هذا الصهر، ولكنه لم يعمل بنصيحتهم.
ثم إنه كان بإمكانه أن يفسخ الشراكة مع هذا الصهر بمجرد أن ظهر منه توانٍ في العمل، أو تهرّب من المسؤولية.
كما كان بإمكانه أيضًا أن يقاضيه في نسبة الربح التي يستحقّها باعتبار أنه قصَّر، ولم يقم بواجب عمله، فيطالب بإنقاص ربحه بقدر تقصيره، وينظر من يحكم بينهما في تقدير ذلك.
وأما الخسارة؛ فيتحمّلها الشريكان معًا، كما يستحقان الربح معًا: إما بقدر رأس مال كل منهما، وإما بحسب اتفاقهما في العقد.
وأما وعد المورد؛ فإنه يظهر أنه لم يكن بشيء محدد، وإنما هو وعد بمطلق المساعدة، فيتحقق بأي قدر منها، وقد حصل شيء من ذلك، كما يدلّ عليه قول السائل: (لم يساعدنا المورد قدرًا يكفي، وأخيرًا قطع عنا التزويد القليل).
والله أعلم.