الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت باهتمامك بالقرآن، وحرصك على حفظه، وتعلمه، وتعليمه، فجزاك الله خيرا، ونفعك، ورفع شأنك بالقرآن في الدنيا والآخرة.
وإن كان زوجك قد وافق قبل العقد على اشتراطك عليه أمر تعليم القرآن، وتعليمه، وإكمال دراستك؛ فالواجب عليه الوفاء بذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 1357.
فإن كان الحال ما ذكرت من أنه لم يف لك بذلك؛ فإنه مسيءٌ بذلك. ولكن ليس من حقك مقابلة هذه الإساءة بإساءتك له، ورفع صوتك عليه، وتأثمين بذلك؛ لأن هذا نوع من النشوز، ويتنافى مع ما جعل الله له من القوامة عليها. وقد أحسنت باعتذارك إليه، والواجب عليك الحذر من أن يتكرر منك ذلك.
واجتهدي في اتقاء الغضب، والعمل على علاجه بما وردت به السنة، ويمكنك الاستفادة مما ذكرناه بهذا الخصوص في الفتوى: 8038.
ومن حق زوجك منعك من المبيت مع أخواتك، وله أيضا منعك من الخروج من البيت إلا مع أمك، ويجب عليك طاعته في ذلك، إلا أن يكون هنالك ما يسوغ لك الخروج بغير إذنه.
وسبق بيان بعض الحالات التي يجوز للمرأة فيها الخروج بغير إذن زوجها، وقد ذكرناها في الفتوى: 426862.
وإن منعك زوجك من كتابة اسمك الحقيقي في الفيسبوك أو غيره، فالذي نراه أن الواجب عليك طاعته في ذلك؛ لأن وسائل التواصل باب من أبواب الفتنة، وكثيرا ما تكون سببا للمشاكل بين الزوجين، وخراب البيوت، فقد يترتب عليها ضرر على الزوجة، أو على الزوج، أو على الاثنين معًا، فهي من الطاعة في المعروف.
وقولك: هل لي أن أطيعه في كل ما يأمرني به حتى فيما أحله الله لنا؟ "نقول جوابا عنه: إننا نرجح أن طاعة المرأة لزوجها مقيدة بأمور الزواج وتوابعه، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن المرأة يجب عليها طاعة زوجها في كل ما يأمرها به مما لا معصية لله فيه، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 130355.
وفي الختام ننبه إلى أمرين:
الأول: أن الغيرة إن كان الداعي لها ريبة؛ فهي غيرة محمودة، بخلاف ما إن كانت لغير ريبة، فإنها مذمومة، كما سبق بيانه في الفتوى: 17659. وينبغي للزوج ترشيد غيرته بناء على هذا التفصيل اتقاء لحدوث ما لا تحمد عواقبه.
الثاني: ينبغي أن يسود بين الزوجين الحوار والتفاهم في إطار مصلحة الأسرة، وأن يكون بينهما الاحترام المتبادل، وأن يعين الزوج زوجته في التواصل مع أهلها وصلة رحمها ما أمكن ذلك، فإن هذا مما تدوم به العشرة، وتكتسب المودة، ويكون به حسن العشرة مع الأصهار.
والله أعلم.