الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن التائب الصادق في توبته مآله الجنة، فذنبه مغفور، وعمله مبرور، وسعيه مشكور. قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا [مريم: 59، 60].
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: أي: إلا من رجع عن ترك الصلوات، واتباع الشهوات، فإن الله يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويجعله من ورثة جنة النعيم؛ ولهذا قال: {فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا} وذلك؛ لأن التوبة تجُبُّ ما قبلها، وفي الحديث الآخر: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ولهذا لا ينقص هؤلاء التائبون من أعمالهم التي عملوها شيئا، ولا قوبلوا بما عملوه قبلها، فينقص لهم مما عملوه بعدها؛ لأن ذلك ذهب هدرا، وترك نسيا، وذهب مجانا، من كرم الكريم، وحلم الحليم. وهذا الاستثناء هاهنا كقوله في سورة الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 68 -70]. اهـ.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى: 171643، 136724، 454909، 318286.
والله أعلم.