الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتوكل على الله تعالى يكون في كل الأمور، وجميع الشؤون: يسيرها وعسيرها، قليلها وكثيرها، ظاهرها وباطنها، غاياتها ومقدماتها، أسبابها ومسبباتها؛ فإن الله تعالى إذا لم ييسر الأمر؛ لم يتيسر، كما قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: سلوا الله كل شيء؛ حتى الشسع، فإن الله إن لم ييسره؛ لم يتيسر. رواه أبو يعلى، وابن السني. وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح، غير محمد بن عبد الله بن نمير، وهو ثقة. اهـ. وقال الألباني: موقوف جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. اهـ.
ولذلك أطلق الله تعالى الأمر بالتوكل عليه، ولم يقيده بشيء؛ ليشمل كل شيء، كما قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا [الأحزاب:3]، قال المناوي في «فيض القدير»: قال الداراني: "كل الأحوال لها وجه وقفا، إلا التوكل؛ فإنه وجه بلا قفا"، يعني هو إقبال على الله من كل الوجوه، وثقة به ... وما أحسن ما قال شيخ الإسلام الصابوني:
توكل على الرحمن في كل حاجة . . . أردت فإن الله يقضي ويقدر
متى ما يُردْ ذو العرش أمرًا بعبده. . . يُصبْه وما للعبد ما يتخير
وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه. . . وينجو بإذن الله من حيث يحذر. اهـ.
والله أعلم.