الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل الإيجاب والقبول، والاتفاق على الثمن والمثمن، وانفض المجلس عن ذلك، فقد انعقد البيع، ولزم الطرفين، وثبت انتقال ملك البدلين بين البائع والمشتري. ولا يشترط في صحة ذلك كتابة العقد وتوثيقه، ولا يصح بعد ذلك إلزام المشتري بزيادة في الثمن، وانظر الفتويين: 363601، 396463.
جاء في الموسوعة الفقهية: يملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان ... ويترتب على انتقال الملك في البدلين ما يلي:
أ - أن يثبت للمشتري ملك ما يحصل في المبيع من زيادة متولدة منه، ولو لم يقبض المبيع. ولا يمنع من انتقال ملكية المبيع إلى المشتري كون الثمن مؤجلا.
ب - أن تنفذ تصرفات المشتري في المبيع، وتصرفات البائع في الثمن .. ... د - لا يجوز اشتراط بقاء البائع محتفظا بملكية المبيع إلى حين أداء الثمن المؤجل، أو إلى أجل آخر معين.
هذا، ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع أو الثمن كونهما ديونا ثابتة في الذمة إذا لم يكونا من الأعيان؛ لأن الديون تملك في الذمم ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك، فقد يحصل مقارنا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم .. اهـ.
وإذا ألزم البائعُ المشتريَ بزيادة في الثمن بعد انعقاد البيع، فدفعها مكرهًا، فهذا المال لا يحل للبائع، ويجب عليه رده إلا إن أحله المشتري؛ فقد خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع في أيام التشريق فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان. رواه الشيخان وأحمد، واللفظ له.
والله أعلم.