الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله -عز وجل- في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اركوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا. وفي رواية: إلا المتهاجرين.
وروي عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعًا: ما من يوم اثنين، أو خميس، إلا يرفع فيهما الأعمال، إلا أعمال المتهاجرين. رواه الطبراني في المعجم الكبير.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه عبد الله بن عبد العزيز الليثي، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره. اهـ.
والهجر المحرم المتوعد عليه: هو تقصد عدم السلام عند التلاقي من أجل الشحناء والعداوة.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: قال الطبري معنى الهجرة هو: ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما، واجتماعهما، وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه مصارمة له، وتركه السلام عليه، وذلك أن من حق المسلم على المسلم إذا تلاقيا أن يسلم كل واحد منهما على صاحبه، فإذا تركا ذلك بالمصارمة، فقد دخلا فيما حظر الله، واستحقا العقوبة إن لم يعف الله عنهما. اهـ.
والهجر يزول بمجرد السلام ورده.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده. اهـ.
وبعد هذا: فإن انقطاع العلاقة السابقة بينك وبين زميلتك لا يستلزم الوقوع في الهجر المحرم، إلا إن حصل تعمد ترك السلام عند التلاقي، وقصد الصدود والإعراض من أجل الشحناء، فحينئذ يكون هذا من الهجر المحرم.
وعلى كل حال: فإنه ينبغي لك أن تقرئي السلام على كل من تلقينه، فقد جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف.
وإذا ألقيت على زميلتك السلام، فلا يضرك شيئا كونها تصد عنك، وتترك السلام عليك، ولا تعتبرين هاجرة لها.
جاء في شرح سنن أبي داود لابن رسلان: والظاهر أن أحدهما لو صالح الآخر وسلم عليه، فلم يرد عليه، ولم يصالحه، فيغفر للمصالح، ويؤخر من لم يصالح. اهـ.
والله أعلم.