الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله -سبحانه وتعالى-، ذكر في هاتين الآيتين الكريمتين في سورة النجم 45/64 أنه خلق الزوجين أي النوعين الذكر والأنثى من أولاد آدم، ومن كل حيوان من نطفة، وهي نطفة المني، مشتقة من نطف الماء إذا قطر (إذا تمنى) أي تصب وتراق في الرحم، قال الشنقيطي في كتابه أضواء البيان عند تفسير هذه الآية: هذا أوضح القولين، أي هذا التفسير لقوله (إذا تمنى) هو أصح القولين، قال: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمْنَى الرَّجُلُ وَمَنِيَ؛ إِذَا أَرَاقَ الْمَنِيَّ وَصَبَّهُ، ثم ذكر القول الآخر بقوله: وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى أَيْ تُقَدَّرَ بِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدَّرَ أَنْ يَنْشَأَ مِنْهَا حَمْلٌ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: مَنِيَ الْمَانِي إِذَا قَدَّرَ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ الْهُذَلِيِّ، وَقِيلَ سُوِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْمُصْطَلَقِيِّ:
لَا تَأْمَنِ الْمَوْتَ فِي حِلٍّ وَفِي حَرَمٍ … إِنَّ الْمَنَايَا تُوَافِي كُلَّ إِنْسَانِ
وَاسْلُكْ سَبِيلَكَ فِيهَا غَيْرَ مُحْتَشِمٍ … حَتَّى تُلَاقِيَ مَا يُمَنِّي لَكَ الْمَانِي
أي ما يقدر لك المقدر.
والله أعلم.