الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم السؤال بالقدر الكافي، والذي فهمناه منه أن السائل افتتح لنفسه عيادة، ووضع عليها لافتة باسمه، أو لقبه، أو نحو ذلك، ثم سلَّم العيادة لطبيب آخر؛ للعمل فيها أثناء غيابه، وبعد أن سافر بمدة أخذ هذا الطبيب اللافتة، وعلّقها على عيادته هو في مكان آخر.
فإن كان هذا هو الحاصل؛ فقد جمع هذا الطبيب بين تضييع أمانة السائل، وبين الكذب والغشّ على الناس بوضع لافتة غيره على عيادته! وهذه المخالفات، وإن أثم بها صاحبها، إلا إنها لا تجعل أجرة عمله محرمة عليه، إذا وفَّى للمريض بحقّه في العلاج؛ لأنه هو القائم بالعمل، سواء في عيادته، أم في عيادة السائل.
ويبقى النظر في مسألة: هل للسائل حق مالي على هذا الطبيب؟
وجواب ذلك يعتمد على مدى اعتبار هذه اللافتة بمثابة الاسم التجاري، أو العلامة التجارية، وهذا يرجع فيه للقضاء، أو مجالس التحكيم.
ولكن ننبه عموًما على أن الاسم التجاري يعتبره العلماء المعاصرون حقًّا ماليًّا، يُشرع لصاحبه الانتفاع به، والتصرّف فيه -بالبيع، والإجارة، وغير ذلك-، ويمنع الغير من الاعتداء عليه؛ وبهذا صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي. راجعه في الفتوى: 9797.
ولصاحب الحق في الاسم التجاري أن يطالب بتعويض عادل، إذا استعمل بغير إذنه، وراجع في ذلك الفتويين: 348745، 47621.
ثم لا يخفى أن الحقوق المالية، وغيرها إذا سامح صاحبها من اعتدى عليها؛ فإن ذلك ينفعه في دِينه، ودنياه، ويبرئ ذمّة المعتدي.
والله أعلم.