الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السلام خارج الصلاة مشروع باللغة العربية وغيرها من اللغات على الصحيح من أقوال أهل العلم، فلا داعي للإنكار على من ألقى السلام باللغة العربية أم بغيرها، فالأمر في ذلك واسع، سواء كان من ألقى السلام يستطيع أن يلقيه بالعربية أم لا؟ إلا إن كان في إلقائه بغير العربية مصلحة، فإنه يترجح حينئذ.
قال الإمام النووي -رحمه الله- في المجموع: حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي السَّلَامِ بِالْعَجَمِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) لَا يُجْزِئُ، (وَالثَّانِي) يُجْزِئُ، (وَالثَّالِثُ) إنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِلَّا فَيُجْزِئُهُ. وَالصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ صِحَّةُ سَلَامِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَوُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ إذَا فَهِمَهُ الْمُخَاطَبُ؛ سَوَاءٌ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى تَحِيَّةً وَسَلَامًا. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: السلام وردُّه بالعجمية، كالسلام ورده بالعربية؛ لأن الغرض من السلام التأمين والدعاء بالسلامة والتحية، فيحصل ذلك بغير العربية، وهذا في السلام خارج الصلاة؛ إذ السلام في الصلاة لا يجزئ بغير العربية عند الشافعية والحنابلة؛ وعند المالكية على قول. انتهى.
فإذا كان السلام بغير العربية على جمع من المسلمين وغيرهم فيه تأليف للقلوب، وابتعاد عن تنفيرهم، فربما يكون الأفضل في هذه الحالة أن يكون بلغة شاملة لهم جميعا، فالسلام على الجمع الذي فيه مسلمون وغيرهم مشروع، كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وفيه: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِم. وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم.