الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي أولادك ويصلحهم، واعلمي أنّك إذا كنت قد قمت بما عليك من تعليم أولادك وتربيتهم؛ فلا إثم عليك فيما آلت إليه أحوالهم من العصيان؛ فالهداية أمرها إلى الله تعالى، ولا يحمل الوالدان إثم معصية أولادهما، قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه. وراجعي الفتوى: 55875.
وأمّا هجرك لأولادك زجرا له عن تركهم الصلاة، وإساءتهم إليك؛ فهو جائز، ولا يلحقك إثم هجر المسلم فوق ثلاث؛ ما دام الهجر للزجر والتأديب.
قال الخطابي -رحمه الله- في معالم السنن: فأما هجران الوالد الولد، والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما؛ فلا يضيق أكثر من ثلاث، وقد هجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهرا. انتهى.
ولا حرج عليك في صنع الطعام لهم، وراجعي الفتوى: 105807.
ومسألة الهجر والصلة للأولاد العاصين؛ تخضع للمصلحة المرجوة من الهجر أو الصلة؛ والغالب -والله أعلم- أنّ الصلة والإحسان مع مداومة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي في الاستصلاح؛ أولى وأنفع من الهجر والزجر.
فوصيتنا لك أن تجتهدي في استصلاح أولادك، وتبذلي جهدك، ولا تتعجلي ثماره، ولا تيأسي، والتمسي تدخل بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ممن تظنين أنّ الأولاد يقبلون منهم النصيحة، لعل الله يجعلهم سببا لهدايتهم، واستعيني بالله تعالى، وافزعي إليه، وتضرعي له، وألحي في الدعاء لهم بالهداية، فدعوة الوالد لولده مستجابة.
والله أعلم.