الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأذكار القولية -كتلاوة القرآن، وغيرها من أنواع الذكر الوارد- لا بد فيها من تحريك اللسان، وجمهور العلماء على أنه يجب مع ذلك إسماع النفس.
وأما مجرد إمرار الذكر، أو آيات القرآن على القلب دون تلفظ، وتحريك اللسان؛ فلا يعتبر ذكرا قوليا، ولا يجزئ في الأذكار الواجبة في الصلاة.
وأما خارج الصلاة: فإن الذكر بالقلب وحده عبادة قلبية يثاب عليها، لكنه دون مرتبة الذكر باللسان مع القلب، ولا يشمله الفضل والأجر المرتب على الذكر القولي.
وراجعي تفصيل هذا في الفتاوى: 190033، 136969، 186391، 419512.
وأما قوله سبحانه: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {الملك:13}، فلا علاقة له بما سألتِ عنه، فالآية فيها أن السر والعلانية سواء بالنسبة إلى علم الله سبحانه.
جاء في تفسير أبي السعود: {وأسروا قولكم أو اجهروا به} بيان لتساوي السر والجهر بالنسبة إلى علمه تعالى، كما في قوله: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في المشركين، كانوا ينالون من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيوحى إليه -عليه الصلاة والسلام-، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم؛ كيلا يسمع رب محمد، فقيل لهم: أسروا ذلك أو اجهروا به؛ فإن الله يعلمه. اهـ.
والله أعلم.