الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من شبه زوجته بمن تحرم عليه من النساء حرمة مؤبدة كالجدة والأخت، فهو مظاهر، قال خليل بن إسحاق: الظهار تشبيه المسلم المكلف من تحل من زوجة أو أمة أو جزئها بظهر محرم أو جزئه ظهار. انتهى.
وقد قسم العلماء الظهار إلى نوعين: صريح وكناية، فالصريح ما ذكر فيه الظهر باتفاق وكذا سائر الأعضاء عند أكثر الفقهاء، وحكم هذا النوع إذا صدر من الزوج لامرأته يعد ظهاراً لا يحتاج إلى نية.
أما الكناية فهي ما احتملت الظهار وغيره كقول الرجل لزوجته: أنت كأمي أو أختي، فهذا يرجع إلى نية الزوج، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً وإلا فليس بشيء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى.
وعلى هذا فإن ما صدر من الرجل يعد كناية فإن نوى به الظهار كان ظهاراً وإن لم ينوه فلا شيء عليه، فإن من طلق زوجته ثلاثاً دفعة واحدة بانت منه بينونة كبرى عند جمهور العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3680.
وعلى هذا؛ فإن كان ما نسب إلى هذا الرجل صحيحاً فإنه يعتبر قد طلق زوجته ثلاثاً لا تحل له إلا بعد زوج.
والله أعلم.