الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقيقة ما تلفّظ به هذا الزوج هو تعليقه طلاق زوجته على ذهابها إلى بيت أمّها من غير أن تخبره بذلك، وقد حصل ما علّق عليه طلاقها؛ فيقع الطلاق - ولو كانت الزوجة قاصدة بذلك أن يحنث ليقع الطلاق- في قول جمهور الفقهاء، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى 101357، وقد ضمّناها ما ذهب إليه بعض فقهاء المالكية من عدم وقوع الطلاق إذا قصدت الزوجة تحنيث زوجها، ورجّحنا قول الجمهور.
ويقع الطلاق عندهم ثلاثًا، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وقوع طلقة واحدة في طلاق الثلاث بكلمة واحدة، وما نفتي به هو قول الجمهور بوقوع الثلاث، وراجعي الفتوى: 5584.
وظاهر ما تلفّظ به الزوج هو أن تخبره زوجته برغبتها في الذهاب لأمّها، ولم يعلّقه على علمه بذلك؛ فلا اعتبار بما ذكر من علمه بذلك عن طريق أولاده.
وبما أن في هذه المسائل خلافًا بين الفقهاء؛ فنرى أن الأولى أن يراجع الزوج دوائر الإفتاء في بلده، أو محكمة الأحوال الشخصية؛ ليبين لهم ما صدر عنه من اللفظ، وليستفصلوا منه فيما قد يُحْتَاج إليه من استفصال.
وننبه إلى أن يكون بين الزوجين الحوار، والتفاهم، وأن يحذر الزوج من أن يجعل الطلاق وسيلة لحل ما يكون بينه وبين زوجته من خلافات؛ فالحياة الزوجية عهد، وميثاق غليظ، لا ينبغي تعريضه للوهن لأدنى سبب، قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
والله أعلم.