الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الاستيلاء على شيء من أملاك والدك بالحيلة المذكورة، ولا ريب في كون ذلك خيانة، وعدوانًا، وظلمًا محرمًا.
وإذا كان والدك لا ينفق على زوجته وعليك بالمعروف؛ ففي هذه الحال يجوز لكما أن تأخذا من ماله دون علمه ما تحتاجانه للنفقة الواجبة فقط، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا، أَيْ: النَّفَقَةِ، الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ بِلَا إذْنِهِ، مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»، وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.
وإذا كنت علمت ما يقع فيه والدك من المنكرات عن طريق التجسس؛ فقد فعلت محرمًا.
وقيامك بعد ذلك بفضحه عند الأقارب محرم أيضًا، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، وراجعي الفتوى: 30115.
وعلى أية حال؛ فإنّ لأبيك عليك حقًّا عظيمًا، ووقوعه في المعصية لا يسقط حقّه عليك، ولا يبيح لك الإساءة إليه، أو العدوان على ماله.
واعلمي أنّ أمر الوالد بالمعروف، ونهيه عن المنكر؛ ليس كأمر ونهي غيره، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
والأصل أن تستري على أبيك، ولا تفضحيه، ولا تخبري أحدًا بمعصيته إلا لمصلحة راجحة، كالاستعانة على منع منكر. وراجعي الفتوى: 438166.
والله أعلم.