الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يجوز لك اختبار زوجتك، أو أولادك بمثل هذا التصرف؛ فالأصل أن تحمل أمور المسلمين -وخاصة الأقارب منهم- على السلامة؛ حتى يتبين خلافها، ولا يجوز البحث عن زلّاتهم، فإن هذا قد يكون موجبًا لسوء الظن بهم، وقد ورد النهي عن سوء الظن في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، قال ابن حجر الهيتمي: ففي الآية النهي الأكيد عن البحث عن أمور الناس المستورة، وتتبع عوراتهم. اهـ.
وقد جاء الشرع بالنهي عن تتبع العثرات، ففي الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم؛ يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته؛ يفضحه في بيته.
ولا ينبغي مباغتة أهل المخطوبة بزيارة غير محدد موعدها سلفًا؛ فهذا ربما يوقعهم في الحرج؛ فقد يكون هنالك أمر يريدون الخروج إليه، فتحول هذه الزيارة دون قيامهم بذلك، أو يكون البيت غير مرتب؛ فيكونون بين أن يسمحوا لأمّك بالدخول على هذه الحال؛ فيصيبهم الحرج، أو يرفضوا استقبالها؛ فيكون في ذلك حرج لهم ولأمّك معًا، والشرع قد أذن لهم في عدم استقبالها، قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور:28}، قال عبد الرحمن السعدي في تفسيره: أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقًّا واجبًا لكم، وإنما هو متبرّع، فإن شاء أذن، أو منع. فأنتم لا يأخذ أحدكم الكِبر والاشمئزاز من هذه الحال (هو أزكى لكم) أي: أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم بالحسنات. اهـ. وما لا يرضاه المسلم لنفسه، لا يرضاه للآخرين.
ومعرفة أحوال المخطوبة، وأحوال أهلها، يمكن أن يتم عبر سؤال الثقات ممن يعرفونهم، ويخالطونهم، وهذا أفضل، وأسلم.
والله أعلم.