الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويوفقك لما يرضيه.
واعلمي أنّ برّ الوالدين من أفضل العبادات، وأجلّ الطاعات، وأنّ للوالدين على الولد حقًّا عظيمًا، لا يسقط بإساءتهما.
وأنّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ حد العقوق المحرم هو الذي يحصل به أذى شديد للوالدين، قال الهيتمي -رحمه الله- في الزواجر عن اقتراف الكبائر: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، أَيْ: عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي. انتهى.
والأصل وجوب الجمع بين طاعة الوالدين جميعًا في المعروف، لكن إذا فرض تعذر كل سبيل للجمع بين طاعتهما معًا؛ فالراجح عندنا في هذه الحال تقديم طاعة الأمّ على طاعة الأب، وراجعي الفتوى: 430033.
فوصيتنا لك: أن تصبري، وتستعيني بالله، وتجتهدي في برّ والديك، قدر وسعك، وتستعملي الحكمة، والمداراة معهما؛ حتى تجمعي بين طاعتهما، وتلحّي في دعاء الله أن يعينك على برّهما.
فإذا فعلت ما تقدرين عليه من البرّ؛ فقد أدّيت ما عليك، وما عجزت عنه، فهو في عفو الله تعالى.
والله أعلم.