الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع العلماء على أن التصريح للمعتدة بالنكاح أمر محرم، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويحرم التصريح وهو ما لا يحتمل غير النكاح بخطبة معتدة بائن، قال في المبدع بالإجماع. انتهى.
وقال صاحب التاج والإكليل المالكي نقلاً عن ابن عبد البر: صريح خطبة المعتدة حرام إجماعاً.
أما التعريض لها أو لوليها فلا حرج إن كانت معتدة من وفاة أو طلاق بائن لقول الله تعالى: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ (البقرة: من الآية235)، ولما في النسائي وغيره وصححه الألباني أن فاطمة بنت قيس قالت: أرسل إلي زوجي بطلاقي فشددت علي ثيابي ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كم طلقك؟ فقلت: ثلاثاً، فقال: ليس لك نفقة واعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم، فإنه ضرير البصر تلقين ثيابك عنده، فإذا انقضت عدتك فآذنيني.
قال البهوتي ممزوجا بمتن الإقناع: ويجوز التعريض في عدة الوفاة والبائن بطلاق ... إلى أن قال: وهي أي المرأة في الجواب للخاطب كهو فيما يحل ويحرم
فَيَجُوزُ لِلْبَائِنِ التَّعْرِيضُ فِي الْإِجَابَةِ وَيُحَرَّمُ عَلَيْهَا التَّصْرِيحُ وَعَلَى الرَّجْعِيَّةِ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ لِلْعَقْدِ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِي حِلِّهِ وَحُرْمَتِهِ . ا.هـ
وكما لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة لا يجوز لها التصريح للخاطب بموافقتها على الزواج، وأولى من ذلك بالتحريم أن تبادر هي إلى طلب ذلك، أما التعريض فلا حرج فيه، هذا كله ما دامت في العدة، فإذا انقضت العدة جاز لها التصريح.
والله أعلم.