الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي عليك؛ أن تتوكل على الله، وتستعين به، وتعزم على سداد الدين الذي عليك متى قدرت على ذلك، وإذا كنت تقدر على العمل والاكتساب وجب عليك ذلك، حتى تؤدي ما عليك.
جاء في كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشيباني: فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين، فالاكتساب بِقدر مَا يقْضِي بِهِ دينه فرض عَلَيْهِ؛ لِأَن قَضَاء الدّين مُسْتَحقّ عَلَيْهِ عينا. انتهى.
وإذا صدقت النية، فسوف تجد الإعانة من الله تعالى؛ فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.
وعليك أن تبذل وسعك في الوصول إلى المقرض حتى تردّ إليه ماله، أو تستحلّه منه. فإن بذلت وسعك وسعيت بكل سبيل للوصول إلى المقرض؛ فلم تصل إليه؛ ففي هذه الحال تتصدق عنه بهذا المال، أو تصرفه في أبواب البر والمصالح العامة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: الْمَالُ إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَالِكِهِ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْإِنْسَانِ غصوب، أَوْ عَوَارٍ، أَوْ وَدَائِعُ، أَوْ رُهُونٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِهَا، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمْ، أَوْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى قَاسِمٍ عَادِلٍ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ. انتهى.
والله أعلم.