الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدين الذي يطالب به الميت لا يجب على ولده أداؤه عنه، ما لم يكن الميت قد ترك مالاً، فإن كان قد ترك مالاً فإنه يبدأ بقضاء دينه ثم وصاياه إن كانت في حدود الثلث فما دونه، ثم يقسم الباقي على ورثته، وإذا لم يترك الميت مالاً وقضى ابنه دينه تطوعاً منه ففي ذلك خير كثير، لما يترتب عليه من التخفيف عن أبيه وبره بعد موته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وصححه الألباني.
قال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا. انتهى.
وقال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. انتهى.
ويتأكد الطلب إذا كان الولد المذكور ميسوراً كما ذكرت، وما دام الولد قد قضى من دين أبيه ثلاثة آلاف فإن الباقي من المبلغ ما زال في ذمة أبيه، ولو رفض البنك تحويله فهذا غير مسقط للدين عن أبيه.
وعليه؛ فإن أراد الابن المذكور أداء الدين عن والده فليسع في ذلك حسب جهده، وليحرص على الإسراع في ذلك، فإن الثواب فيه أعظم، فقد روى الإمام أحمد في المسند عن جابر: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا تصلي عليه فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم، وبرئ منهما الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
والله أعلم.