الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكرك على حرصك على الزواج وإعفاف نفسك، ونسأل المولى العلي القدير أن ييسر لك ذلك، ونوصيك بكثرة الدعاء، فربنا سبحانه سميع مجيب، وهو القائل في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
وما كان ينبغي لأبيك أن يرفض زواجك من تلك الفتاة لمجرد كونك قد تعرفت عليها عبر الأنترنت، بل المعتبر الآن هو النظر في دينها وصلاحها، كما في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وأفضل السبل لمعرفة حالها هو سؤال الثقات ممن يعرفونها، ولا يكفي ما قد يظهر من حالها من خلال الأنترنت؛ فقد يكثر التكلف وإظهار الأدب وحسن الخلق، وبعد الزواج ينكشف الأمر ويكون الفشل في الحياة الزوجية، وهذا مما يقع كثيرا، وقد يكون هذا ما يخشاه أبوك، فالتمس له العذر، وإذا تبين لك أنها ذات دين وخلق فلا بأس بالاستمرار في محاولة إقناع أبيك بموافقته على زواجك منها، والاستعانة عليه بما أسلفنا من الدعاء وتوسيط بعض الفضلاء من الناس، فإن اقتنع ـ فالحمد لله ـ وإن أصر على الرفض فالأصل أنه تجب عليك طاعته وترك الزواج منها؛ لأن طاعتك له فرض عليك، وزواجك منها ليس فرضا، وهذا ما لم تخش على نفسك ضررا بترك الزواج منها، وانظر الفتوى: 93194. ومنها يتبين لك متى تكون عاقا لأبيك ومتى لا تكون عاقا، وإن أمكنك أن تصبر وتؤثر طاعة والدك على هواك لتفوز ببره وتترك الزواج من هذه الفتاة التي أحببتها، فقد يعوضك الله بسبب ذلك من هي خير من هذه الفتاة، ويبارك لك في الزواج منها، ويرزقك منها ذرية طيبة.
والله أعلم.