الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأحسن أن تفوّض أمورك كلها لله، وتسأله تيسير الخير حيث كان؛ فإن أحدًا لا يدري أين يقع الخير، والعبد قد يتمنى ما فيه ضرره، والعكس، وقد قال الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
فلزوم الأدعية الجامعة، وسؤال الله تيسير الخير حيث كان، فيه مصلحة عظيمة، قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: فاحذر كل الحذر أن تسألَه شيئًا مُعيّنًا خِيرتُه وعاقبتُه مغيبةٌ عنك، وإذا لم تجد من سؤاله بُدًّا؛ فعلِّقه على شرط علمِه - تعالى - فيه الخيرة، وقدّم بين يدي سؤالك الاستخارة، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة، بل استخارة من لا علم له بمصالحه، ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، بل إن وُكِل إلى نفسه، هلك كل الهلاك، وانفرط عليه أمره. انتهى.
وعلى كل؛ فليس سؤالك هذا الشيء بعينه -إن كان مباحًا- محظورًا، فإن شئت دعوت الله به.
لكن الأولى - كما ذكرنا - أن تعلّق ذلك بعلم الله الخير لك في هذا الأمر.
ولا حرج في أن تقول: "ارزقني كذا، واجعله خيرًا لي"، وإن كان الأولى ما قدّمناه لك.
وأما قولك في دعائك: "إنك قد قضيت وقدّرت أن يكون ذلك خيرًا لي"؛ فغلط جزمًا؛ فإنه لا علم لك بما قدّره الله تعالى أزلًا؛ فعليك أن تترك هذا اللفظ، فقول القائل: "إنك قد قدّرت كذا، اجتراء على الغيب، واعتداء في الدعاء"؛ فلا يجوز ذلك في قليل الدعاء وكثيره.
وأما سؤال الرزق، وإن كان الشخص عاجزًا من حيث الأسباب؛ فلا حرج فيه، والله على كل شيء قدير.
والله أعلم.