الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنجمل الجواب عما سألت عنه فيما يلي:
أولًا: أن الربا محرم تحريمًا عظيمًا، ولا يجوز للمرء الإقدام عليه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}.
ثانيًا: الرافعة المالية في حقيقتها تعتبر قرضًا من شركة الوساطة للعميل، وهو قرض مشروط بأن يتم التعامل عن طريق هذه الشركة نفسها؛ فيجرّ نفعًا على المقرض ـ الشركة ـ بسبب العمولة التي تزيد بزيادة حجم الصفقات؛ ولذلك لم يجز التعامل بهذه الرافعة، لكن لو أقدم المرء على التعامل به؛ فإنه يأثم بسبب ذلك، وعليه أن يتوب إلى الله بالكفّ عن التعامل بتلك الرافعة المالية، ويستغفر ربّه من ذنبه، ويندم عليه، ويعزم ألا يعود إليه.
ثالثًا: لو أخذ المرء قرضًا ربويًّا، فحرمة ذلك القرض إنما تتعلق بذمّته، لا بعين المال، فلو استثمره وربح منه، أو اشترى به أغراضًا؛ فلا حرج عليه في الانتفاع بالربح والأغراض، ولا يلزمه أن يتصدّق بشيء من ماله؛ لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض، ويصير دَينًا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا، وتجب عليه التوبة إلى الله منه.
رابعًا: قولك: "راتبي الذي أعمل كل يوم 8 ساعات لتحصيله يمر على بنك ربوي" ـ هذا لا يؤثر في حلية الراتب، إن كان عملك الذي تؤدّيه مباحًا
وعليه؛ فمرور الراتب ببنك ربوي، لا يحرّمه، وللمرء الانتفاع به، إلا إذا أعطي عليه فائدة ربوية؛ فإنه يتخلّص من الفائدة فقط بدفعها للفقراء، والمساكين، وأصل راتبه حلال له.
والله أعلم.